الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مصنف ابن أبي شيبة ***
38120- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ إِلَى مُؤْتَةَ، فَاسْتَعْمَلَ زَيْدًا، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ، فَتَخَلَّفَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَجَمَّعَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا خَلَّفَكَ ؟ قَالَ: أَجْمِّعُ مَعَك، قَالَ: لَغَدْوَةٌ، أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. 38121- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَيْشَ الأُمَرَاءِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كُنْتُ أَرْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَيَّ زَيْدًا، فَقَالَ: امْضِ، فَإِنَّك لاَ تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ. فَانْطَلَقُوا، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: ثَابَ خَيْرٌ، ثَابَ خَيْرٌ، ثَلاَثًا، أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي، انْطَلَقُوا فَلَقُوا الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ زَيْدٌ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، اشْهَدُوا لَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الأُمَرَاءِ، هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ، فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ، فَمِنْ يَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفَ اللهِ الْمَسْلُولَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: انْفِرُوا، فَأَمِدُّوا إِخْوَانَكُمْ، وَلاَ يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَنَفَرُوا مُشَاةً وَرُكْبَانًا، وَذَلِكَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ. فَبَيْنَمَا هُمْ لَيْلَةً مُمَايَلِينُ عَنِ الطَّرِيقِ، إِذْ نَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى مَالَ عَنِ الرَّحْلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَدَعَّمْتُهُ بِيَدَيْ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ يَدِ رَجُلٍ اعْتَدَلَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، فَسَارَ أَيْضًا ثُمَّ نَعَسَ حَتَّى مَالَ عَنِ الرَّحْلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَدَعَّمْتُهُ بِيَدَيْ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ يَدِ رَجُلٍ اعْتَدَلَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوِ الثَّالِثَةِ، قَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ قَدْ شَقَقْتُ عَلَيْك مُنْذُ اللَّيْلَةِ، قَالَ: قُلْتُ: كَلاَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَلَكِنْ أَرَى الْكَرَى أَو النُّعَاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْك، فَلَوْ عَدَلْتَ فَنَزَلْتَ حَتَّى يَذْهَبَ كَرَاكَ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْذَلَ النَّاسُ، قَالَ: قُلْتُ: كَلاَ، بِأَبِي وَأُمِّي. قَالَ: فَابْغِنَا مَكَانًا خَمِيرًا، قَالَ: فَعَدَلْتُ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِذَا أَنَا بِعُقْدَةٍ مِنْ شَجَرٍ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ عُقْدَةٌ مِنْ شَجَرٍ قَدْ أَصَبْتُهَا، قَالَ: فَعَدَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَعَدَلَ مَعَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ، فَنَزَلُوا وَاسْتَتَرُوا بِالْعُقْدَةِ مِنَ الطَّرِيقِ، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إِلاَّ بِالشَّمْسِ طَالِعَةً عَلَيْنَا، فَقُمْنَا وَنَحْنُ وَهِلِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رُوَيْدًا رُوَيْدًا، حَتَّى تَعَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ يُصَلِّي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ فَلْيُصَلِّهِمَا، فَصَلاَهُمَا مَنْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا، وَمَنْ كَانَ لاَ يُصَلِّيهِمَا. ثُمَّ أَمَرَ فَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَصَلَّى بِنَا، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: إِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ، أَنا لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا يَشْغَلُنَا عَنْ صَلاَتِنَا، وَلَكِنْ أَرْوَاحَنَا كَانَتْ بِيَدِ اللهِ، أَرْسَلَهَا أَنَّى شَاءَ، أَلاَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الصَّلاَةُ مِنْ عَبْدٍ صَالِحٍ فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا. قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْعَطَشُ، قَالَ: لاَ عَطَشَ، يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَرِنِي الْمَيْضَأَةَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَجَعَلَهَا فِي ضِبْنِهِ، ثُمَّ الْتَقَمَ فَمَهَا، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَفَثَ فِيهَا، أَمْ لاَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَرِنِي الْغُمَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَأَتَيْته بِقَدَحٍ بَيْنَ الْقَدَحَيْنِ، فَصَبَّ فِيهِ، فَقَالَ: اسْقِ الْقَوْمَ، وَنَادَى رَسُولُ اللهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ: أَلاَ مَنْ أَتَاهُ إِنَاؤُهُ فَلْيَشْرَبْهُ، فَأَتَيْتُ رَجُلاً فَسَقَيْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِفَضْلَةِ الْقَدَحِ، فَذَهَبْتُ فَسَقَيْتُ الَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى سَقَيْتُ أَهْلَ تِلْكَ الْحَلْقَةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِفَضْلَةِ الْقَدَحِ، فَذَهَبْتُ فَسَقَيْتُ حَلْقَةً أُخْرَى، حَتَّى سَقَيْت سَبْعَةَ رُفَقٍ. وَجَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ، أَنْظُرُ هَلْ بَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ، فَصَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْقَدَحِ، فَقَالَ لِي: اشْرَبْ، قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي لاَ أَجِدُ بِي كَثِيرَ عَطَشٍ، قَالَ إِلَيْك عَنِّي، فَإِنِّي سَاقِي الْقَوْمَ مُنْذُ الْيَوْمِ، قَالَ: فَصَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ، ثُمَّ صَبَّ فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ، ثُمَّ صَبَّ فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى الْقَوْمَ صَنَعُوا حِينَ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، وَأَرْهَقَتْهُمْ صَلاَتُهُمْ ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَيْسَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ إِنْ يُطِيعُوهُمَا فَقَدْ رَشَِدُوا، وَرَشَِدَتْ أُمُّتُهُمْ، وَإِنْ يَعْصُوهُمَا فَقَدْ غَوَوْا وَغَوَتْ أُمُّتُهُمْ، قَالَهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ سَارَ وَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، إِذَا نَاسٌ يَتَّبِعُونَ ظِلاَلَ الشَّجَرَةِ، فَأَتَيْنَاهُمْ، فَإِذَا نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُمْ: كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ فَقَدْتُمْ نَبِيَّكُمْ، وَأَرْهَقَتْكُمْ صَلاَتُكُمْ ؟ قَالَوا: نَحْنُ وَاللهِ نُخْبِرُكُمْ، وَثَبَ عُمَرُ، فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {إِنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ تَوَفَّى نَبِيَّهُ، فَقُمْ فَصَلِّ وَانْطَلِقْ، إِنِّي نَاظِرٌ بَعْدَك وَمُتلوِّمٌ، فَإِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا وَإِلاَّ لَحِقْتُ بِكَ، قَالَ: وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، وَانْقَطَعَ الْحَدِيثُ. 38122- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، فَذَكَرَ مِنْ بُكَاءَهُنَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَنْهَاهُنَّ. 38123- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ زَعَمَ؛ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بِالْبَلْقَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُمَّ اُخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ بِأَفْضَلَ مَا خَلَفْت عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ. 38124- حَدَّثَنَا عبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَوَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، يَقُولُ: لَقَدَ انْدَقَّ فِي يَدَيْ يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا صَبَرَتْ فِي يَدِي إِلاَّ صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَّةٌ. 38125- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَعَى الثَّلاَثَةَ الَّذِينَ قُتِلُوا بِمُؤْتَةِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِمْ. 38126- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو السَّكْسَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ حُزْنُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى مَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مَعَ زَيْدٍ يَوْمَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَيُدْرِكَنَّ الْمَسِيحَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ أَقْوَامٌ، إِنَّهُمْ لَمِثْلُكُمْ، أَوْ خَيْرٌ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَلَنْ يُخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً، أَنَا أَوَّلُهَا وَالْمَسِيحُ آخِرُهَا. 38127- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَتَتْ وَفَاةُ جَعْفَرٍ، عَرَفْنَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْحُزْنَ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النِّسَاءَ يَبْكِينَ، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَيْهِنَّ فَأَسْكِتْهُنَ، فَإِنْ أَبَيْنَ فَاحْثُ فِي وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللهِ مَا تَرَكْتَ نَفْسَك، وَلاَ أَنْتَ مُطِيعٌ رَسُولَ اللهِ. 38128- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الَّذِي أَرْضَعَنِي مِنْ بَنِي مُرَّةَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ، نَزَلَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَرْقَبَهَا، ثُمَّ مَضَى فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. 38129- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَبَرُ قَتْلِ زَيْدٍ، وَجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ نَعَاهُمْ إِلَى النَّاسِ، وَتَرَكَ أَسْمَاءَ حَتَّى أَفَاضَتْ مِنْ عَبْرَتِهَا: ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا، وَقَالَ: ادْعِي لِي بَنِي أَخِي، قَالَ: فَجَاءَتْ بِثَلاَثَةِ بَنِينَ، كَأَنَّهُمْ أَفْرُخٌ، قَالَتْ: فَدَعَا الْحَلاَقَ فَحَلَقَ رُؤُوسَهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَوْنُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَالَهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ، قَالَ: فَجَعَلَتْ أُمُّهُمْ تُفْرِحُ لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَتَخْشَيْنَ عَلَيْهِمَ الضَّيْعَةَ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟. 38130- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدَّثَنَا قُطْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: أُرِيَهُمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي النَّوْمِ، فَرَأَى جَعْفَرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ، مُضَرَّجًا بِالدِّمَاءِ، وَزَيْدًا مُقَابِلُهُ عَلَى السَّرِيرِ، قَالَ: وَابْنَ رَوَاحَةَ جَالِسًا مَعَهُمْ كَأَنَّهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهُ. 38131- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ؛ أَنَّهُ لَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَتْلُ جَعْفَرٍ، وَزَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، ذَكَرَ أَمْرَهُمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ. 38132- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: جَاءَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ فَقَامَ مَقَامَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أُلاَقِي مِنْك الْيَوْمَ مَا لَقِيتُ مِنْك أَمْسِ ؟. 38133- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُد، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَهِيَّ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: مَا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ قَطُّ، إِلاَّ أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَهُ لاَسْتَخْلَفَهُ. 38134- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: لَوْ أَنَّ زَيْدًا حَيٌّ لاَسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38135- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ قَطَعَ بَعْثًا قِبَلَ مُؤْتَةَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَفِي ذَلِكَ الْبَعْثِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، قَالَ: فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَطْعَنْونَ فِي ذَلِكَ، لِتَأْمِيرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُسَامَةَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أُنَاسًا مِنْكُمْ قَدْ طَعَنْوا عَلَيَّ فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ، وَإِنَّمَا طَعَنْوا فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ كَمَا طَعَنْوا فِي تَأْمِيرِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَحَقِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ ابْنَهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنْ صَالِحِيكُمْ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا. 38136- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَتْلُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم امْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ حَتَّى أَفَاضَتْ عَبْرَتَهَا، وَذَهَبَ بَعْضُ حُزْنِهَا، ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا، وَدَعَا بَنِي جَعْفَرٍ فَدَعَا لَهُمْ، وَدَعَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَةِ يَدِهِ، فَكَانَ لاَ يَشْتَرِي شَيْئًا إِلاَّ رَبِحَ فِيهِ. فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّا لَسْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: كَذَبُوا، لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ. 38137- حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حدَّثَنِي أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ بِمُؤْتَةِ، فَلَمَّا فَقَدْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدْنَا فِيهِ خَمْسينَِ؛ بَيْنَ طَعَنْةٍ وَرَمْيَةٍ، وَوَجَدْنَا ذَلِكَ فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ،
38138- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: هَلْ كُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، يَا أَبَا عُمَارَةَ ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا وَلَّى، وَلَكِنَّ انْطَلَقَ جُفَاءٌ مِنَ النَّاسِ وَحُسَّرٌ إلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ هَوَازِنَ، وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ، فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، قَالَ: فَانْكَشَفُوا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ هُنَالِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بَغْلَتَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَاسْتَنْصَرَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبَ. اللَّهُمَّ نَزِّل نَصْرُك، قَالَ: وَكُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ لِلَّذِي يُحَاذِي بِهِ. 38139- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لاَ وَاللهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ دُبُرَهُ، قَالَ: وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذَانِ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ. 38140- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ: اللَّهُمَّ إِنَّك إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ. 38141- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ جَمَعَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَمْعًا كَثِيرًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ فِي عَشَرَةِ آلاَفٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ، قَالَ: وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ، قَالَ: فَجَاؤُوا بِالنَّعَمِ وَالذُّرِّيَّةِ، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظُهُورِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا الْتَقَوْا وَلَّى النَّاسُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، قَالَ: فَنَزَلَ، فَقَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ: وَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ، لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا كَلاَمُا، فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، نَحْنُ مَعَك، ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، نَحْنُ مَعَك. ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ فَالْتَقَوْا، فَهَزَمُوا وَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الطُّلَقَاءَ وَقَسَمَ فِيهَا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: نُدْعَى عِنْدَ الشِّدَّةِ وَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ لِغَيْرِنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَجَمَعَهُمْ، وَقَعَدَ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَوْ أَنَّ النَّاسَ سَلَكُوا وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لأَخَذْت شِعْبَ الأَنْصَارِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ فَقَالُوا: رَضِينَا، رَضِينَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قَالَ هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ: قُلْتُ لأَنَسٍ: وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَلِكَ ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ ذَلِكَ ؟. 38142- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا أَرَدْتِ إِلَيْهِ ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا إِلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ طَعَنْتُهُ بِهِ. 38143- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبَهُ، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ رَجُلاً، فَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ. 38144- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَنُودُوا: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، قَالَ: فَرَجَعُوا وَلَهُمْ حُنَيْنٌ، يَعَنْي بُكَاءً. 38145- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ انْكَشَفَ النَّاسُ عَنْهُ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: زَيْدٌ، آخِذٌ بِعَنْانِ بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ ، وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: وَيْحَك يَا زَيْدُ، اُدْعُ النَّاسَ، فَنَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا رَسُولُ اللهِ يَدْعُوكُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَيْحَك، حُضَّ الأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، هَذَا رَسُولُ اللهِ يَدْعُوكُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَيْحَك، اُدْعُ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي أَعَنْاقِهِمْ بَيْعَةً، قَالَ: فَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْهُمْ أَلْفٌ، قَدْ طَرَحُوا الْجُفُونَ وَكَسَرُوهَا، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى فُتِحَ عَلَيْهِمْ. 38146- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ، قَالَ: نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ بَغْلَةٍ كَانَ عَلَيْهَا، فَجَعَلَ يَصْرُخُ بِالنَّاسِ: يَا أَهْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، يَا أَهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ، أَنَا رَسُولُ اللهِ وَنَبِيُّهُ، وَتَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. 38147- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَوْفَى بِيَدِهِ ضَرْبَةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا ؟ فَقَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حُنَيْنًا ؟ قَالَ: نَعَمْ. 38148- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ هَوَازِنَ جَاؤُوا بَعْدَ الْوَقْعَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْغَبُ فِي رَسُولِ اللهِ، قَالَ: فِي أَيِّ ذَلِكَ تَرْغَبُونَ، أَفِي الْحَسَبِ، أَمْ فِي الْمَالِ ؟ قَالَوا: بَلْ فِي الْحَسَبِ، وَالأُمَّهَاتِ، وَالْبَنَاتِ، وَأَمَّا الْمَالُ فَسَيَرْزُقُنَا اللَّهُ، قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَأَرُدَّ مَا فِي يَدِي وَأَيْدِي بَنِي هَاشِمٍ مِنْ عَوْرَتِكُمْ، وَأَمَّا النَّاسُ فَسَأَشْفَعُ لَكُمْ إِلَيْهِمْ إِذَا صَلَّيْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُومُوا فَقُولُوا كَذَا وَكَذَا، فَعَلَّمَهُمْ مَا يَقُولُونَ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَشَفَعَ لَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَدَّ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِمْ، غَيْرَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، أَمْسَكَا امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا فِي أَيْدِيهِمَا. 38149- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ: لَمَّا فَرَّ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ *** أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ. قَالَ: فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ: ثَلاَثَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَرَجُلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسُ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِالْعَنْانِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ جَانِبِهِ الأَيْسَرِ، قَالَ: فَلَيْسَ يُقْبِلُ نَحْوَهُ أَحَدٌ إِلاَّ قُتِلَ، وَالْمُشْرِكُونَ حَوْلَهُ صَرْعَى بِحِسَابِ الإِكْلِيلِ. 38150- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يُعْطِي رَسُولُ اللهِ غَنَائِمَنَا نَاسًا تَقْطُرُ سُيُوفُنَا مِنْ دِمَائِهِمْ، أَوْ سُيُوفُهُمْ مِنْ دِمَائِنَا ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَجَاؤُوا، فَقَالَ لَهُمْ: فِيكُمْ غَيْرُكُمْ ؟ قَالَوا: لاَ، إِلاَّ ابْنُ أُخْتِنَا، قَالَ: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: النَّاسُ دِثَارٌ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ، الأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ. 38151- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ، وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ خَرَجُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ يَنْظُرُونَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ، فَمَرَّ بِهِمْ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالُوا: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا فَعَلَ النَّاسُ ؟ قَالَ: لاَ يَسْتَقْبِلُهَا مُحَمَّدٌ أَبَدًا، قَالَ: وَذَلِكَ حِينَ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَبٍّ مِنِ الأَعْرَابِ، يَا فُلاَنُ، اذْهَبْ فَأْتِنَا بِالْخَبَرِ، لِصَاحِبٍ لَهُمْ، قَالَ: فَذَهَبَ حَتَّى كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَوْمِ، فَسَمِعَهُمْ يَقُولُونَ: يَا لِلأَوْس، ِ يَا لِلْخَزْرَجِ، وَقَدْ عَلَوْا الْقَوْمَ، وَكَانَ شِعَارُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38152- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم السَّبْيَ بِالْجِعْرَانَةِ، أَعْطَى عَطَايَا قُرَيْشًا وَغَيْرَهَا مِنَ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، فَكَثُرَتِ الْقَالَةُ وَفَشَتْ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: أَمَّا رَسُولُ اللهِ فَقَدْ لَقِيَ قَوْمَهُ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: مَا مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْ قَوْمِكَ، أَكْثَرُوا فِيهَا ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: فَقَدْ كَانَ مَا بَلَغَك، قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلاَّ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، قَالَ: فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، وَقَالَ: اجْمَعْ قَوْمَك، وَلاَ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ، قَالَ: فَجَمَعَهُمْ فِي حَظِيرَةٍ مِنْ حَظَائِرِ السَّبِيِّ، وَقَامَ عَلَى بَابِهَا، وَجَعَلَ لاَ يَتْرُكُ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْ قَوْمِهِ، وَقَدْ تَرَكَ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَرَدَّ أُنَاسًا، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهُدَاكُمُ اللَّهُ ؟ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ ؟ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ فَقَالَ: أَلاَ تُجِيبُونَ ؟ قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ. فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَصَدَقْتُمْ وَصَدَقْتُمْ: أَلَمْ نَجِدْكَ طَرِيدًا فَآوَيْنَاك، وَمُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاك، وَعَائِلاً فَآسَيْنَاكَ، وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك ؟ فَجَعَلُوا يَبْكُونَ، وَيَقُولُونَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ، قَالَ: أَوَجَدْتُمْ مِنْ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَا أَعْطَيْتهَا قَوْمًا، أَتَأَلَّفُهُمْ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلاَمِكُمْ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، وَسَلَكْتُمْ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكَتْ وَادِيَكُمْ، أَوْ شِعْبَكُمْ، أَنْتُمْ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى إِنِّي لأَرَى مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ، وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، وَلأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، أَمَّا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَانْصَرَفُوا وَهُمْ يَقُولُونَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِرَسُولِهِ حَظًّا وَنَصِيبًا. 38153- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، فَسِرْنَا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلاَلِ الشَّجَرِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْت لاَمَتِي وَرَكِبْت فَرَسِي، فَانْطَلَقْت إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ فِي فُسْطَاطِهِ فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ، وَرَحْمَةُ اللهِ، الرَّوَاحُ، حَانَ الرَّوَاحُ، فَقَالَ: أَجَلْ، فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، فَثَارَ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ، كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُك، فَقَالَ: أَسْرِجْ لِي فَرَسِي، فَأَخْرَجَ سَرْجًا دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ، لَيْسَ فِيهِمَا أَشَرٌ، وَلاَ بَطَرٌ، قَالَ: فَأَسْرَجَ. فَرَكِبَ، وَرَكِبْنَا فَصَافَفْنَاهُمْ عَشِيَّتَنَا وَلَيْلَتَنَا، فَتَشَامَّتِ الْخَيْلاَنِ، فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عِبَادَ اللهِ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ اقْتَحَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ فَرَسِهِ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، فَأَخْبَرَنِي الَّذِي كَانَ أَدْنَى إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، وَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، قَالَ: فَهَزَمَهُمَ اللَّهُ. قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ: فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ، عَنْ آبَائِهِمْ؛ أَنَّهُمْ قَالَوا: لَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ تُرَابًا، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ الْحَدِيدِ. 38154- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ هَوَازِنَ جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَجَعَلُوهَا صُفُوفًا، يَكْثُرُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا الْتَقَوْا، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عِبَادَ اللهِ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يُضْرَبْ بِسَيْفٍ، وَلَمْ يُطْعَنْ بِرُمْحٍ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ: مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ، قَالَ: فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلا، فَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ضَرَبْت رَجُلاً عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ: فَأَعْجَلْت عَنْهُ، قَالَ: فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَهَا، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا أَخَذْتُهَا، فَأَرْضِهِ مِنْهَا وَأَعْطِنِيهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ، أَوْ سَكَتَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لاَ، وَاللهِ لاَ يَفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ وَيُعْطِيكَهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقَالَ: صَدَقَ عُمَرُ. وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا مَعَك ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُتِلَ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ، انْهَزَمُوا بِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ. 38155- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هَوَازِنَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَضَحَّى، وَعَامَّتُنَا مُشَاةٌ، فِينَا ضَعَفَةٌ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فَانْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حَقَبِهِ، فَقَيَّدَ بِهِ جَمَلَهُ رَجُلٌ شَابٌّ، ثُمَّ جَاءَ يَتَغَدَّى مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَأَى ضَعْفَهُمْ وَقِلَّةَ ظَهْرِهِمْ خَرَجَ يَعْدُو إِلَى جَمَلِهِ فَأَطْلَقَهُ، ثُمَّ أَنَاخَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُهُ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ، هِيَ أَمْثَلُ ظَهْرِ الْقَوْمِ، فَقَعَدَ فَاتَّبَعَهُ، فَخَرَجْتُ أَعْدُو فَأَدْرَكْتُهُ وَرَأْسُ النَّاقَةِ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ، وَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النَّاقَةِ، وَكُنْتُ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ، فَأَنَخْتُهُ، فَلَمَّا وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ بِالأَرْضِ، اخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَأَضْرِبُ رَأْسَهُ، فَنَدَرَ فَجِئْتُ بِرَاحِلَتِهِ، وَمَا عَلَيْهَا أَقُودُهُ، فَأَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُقْبِلاً، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ ؟ فَقَالُوا: ابْنُ الأَكْوَعِ، فَنَفَلَهُ سَلَبَهُ. 38156- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَا أَفَاءَ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يَقْسِمْ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمُ اللَّهُ بِي ؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي، قَالَ: كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا ؟ قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ: قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمْ ؟ لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْت وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهُمْ، الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ.
38157- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَخَرَجْت أَنَا وَرَبَاحٌ، غُلاَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَعَ الإِبِلِ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنْدِّيهِ مَعَ الإِبِلِ، فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَتَلَ رَاعِيَهَا، وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ، فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ، اُقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ، فَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَى سَرْحِهِ. قَالَ: فَقُمْت عَلَى تَلٍّ، وَجَعَلْت وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ نَادَيْت ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: يَا صَبَاحَاهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ، مَعِي سَيْفِي وَنَبْلِي، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ، وَذَاكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ، قَالَ: فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَمَيْتُ، فَلاَ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَارِسٌ إِلاَّ عَقَرْتُ بِهِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهُمْ وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ. فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ فَأَرْمِيهِ وَهُوَ عَلَى رَحْلِهِ، فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّجُلِ، حَتَّى انْتَظَمَتْ كَتِفُهُ، قُلْتُ: خُذْهَا: وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ. فَإِذَا كُنْتُ فِي الشَّجَرَةِ أَحْرَقْتُهُمْ بِالنَّبْلِ، وَإِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَرَدَّيْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ، أَتْبَعُهُمْ وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، قَالَ: ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهُمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ رُمْحًا، وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً، يَسْتَخْفُونَ مِنْهَا، وَلاَ يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْت عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ، وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، حَتَّى إِذَا امْتَدَّ الضُّحَى، أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِي، مُمِدًّا لَهُمْ، وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ، ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَأَنَا فَوْقَهُمْ، قَالَ عُيَيْنَةُ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى ؟ قَالَوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ، مَا فَارَقْنَا بِسَحَرٍ حَتَّى الآنَ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا، وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَوْلاَ أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ طَلَبًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ، قَالَ: لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَقَامَ إِلَيَّ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمَ الصَّوْتَ، قُلْتُ لَهُمْ: أَتَعْرِفُونِي ؟ قَالَوا: وَمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكُنِي، وَلاَ أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنْ أَظُنُّ. قَالَ: فَمَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَاكَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، وَإِذَا أَوَّلُهُمَ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ، وَعَلَى أَثَرِهِ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَعَلَى أَثَرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: فَوَلَّوْا الْمُشْرِكِينَ مُدْبِرِينَ، وَأَنْزِلُ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَعْرِضُ لِلأَخْرَمِ، فَآخُذُ عَنْانَ فَرَسِهِ، قُلْتُ: يَا أَخَرَمُ، أَنْذِرْ بِالْقَوْمِ، يَعَنْي أُحَذِّرُهُمْ، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَقْطَعُوك، فَاتَّئِدْ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ، قَالَ: يَا سَلَمَةُ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلاَ تَحُل بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْانَ فَرَسِهِ، فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ، فَعَقَرَ الأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ. فَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَقَتَلَهُ أبُو قَتَادَةَ، وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ. ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ، حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَيْئًا، وَيَعْرِضُونَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ، يُقَالُ لَهُ: ذُو قَرَدٍ، فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ، فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَعَطَفُوا عَنْهُ، وَشَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ، ثَنِيَّةِ ذِي ثَبيرٍ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَلْحَقُ بِهِمْ رَجُلاً فَأَرْمِيهِ، فَقُلْتُ: خُذْهَا: وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ. فَقَالَ: يَا ثَكِلَتْنِي أُمِّي، أَكْوَعِي بُكْرَةَ، قُلْتُ: نَعَمْ أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ، وَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بُكْرَةَ فَأَتْبَعْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ، فَعَلَقَ فِيهِ سَهْمَانِ، وَتَخَلَّفُوا فَرَسَيْنِ، فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأَتْهُمْ عَنْهُ: ذِي قَرَدٍ. فَإِذَا نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي خَمْسِ مِئَةٍ، وَإِذَا بِلاَلٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ، فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلِّنِي، فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِئَةَ رَجُلٍ، فَآخُذَ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ، فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ، قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلاً ذَاكَ يَا سَلَمَةُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَك، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمْ يُقْرَوْنَ الآنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، قَالَ: مَرُّوا عَلَى فُلاَنٍ الْغَطَفَانِي، فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا، فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا، رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هُرَّابًا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبٌ مِنْ ضَحْوَةٍ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَ لاَ يُسْبَقُ، فَجَعَلَ يُنَادِي: هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ، أَلاَ رَجُلٌ يُسَابِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، وَأَنَا وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُرْدَفًا، قُلْتُ لَهُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا ؟ قَالَ: لاَ، إِلاَّ رَسُولَ اللهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي خَلِّنِي، فَلأُسَابِقُ الرَّجُلَ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ، قُلْتُ: اِذْهَبْ إِلَيْك، فَطَفَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَثَنَيْت رِجْلِي فَطَفَرْت عَنِ النَّاقَةِ، ثُمَّ إِنِّي رَبَطْتُ عَلَيْهَا شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْنِ، يَعَنْي اسْتَبْقَيْت نَفْسِي، ثُمَّ إِنِّي عَدَوْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ، فَأَصُكَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِيَدَي، فَقُلْتُ سَبَقْتُك وَاللهِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: فَضَحِكَ، وَقَالَ: إِنْ أَظُنُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. 38158- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَلاَةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ، أَرْضٌ مِنْ أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ: صَفٌّ خَلْفَهُ، وَصَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوَ، فَصَلَّى بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ رَكْعَةً، ثُمَّ نَكَصَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلاَءِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً. 38159- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرُّكَيْنِ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
38160- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً، وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ أَمْرِهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِالْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ. 38161- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ تَبُوكَ، حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى، وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُخْرُصُوا، قَالَ: فَخَرَصَ الْقَوْمُ، وَخَرَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: احْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْك إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى قَدِمَ تَبُوكَ، فَقَالَ: إِنَّهَا سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلاَ يَقُومَنَّ فِيهَا رَجُلٌ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَاْلهُ، قَالَ: قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: فَعَقَلْنَاهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ فِيهَا رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلَيْ طَيٍّء. ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَلِكُ أَيْلَةَ، فَأَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِبَحْرِهِمْ. قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ، وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: كَمْ حَدِيقَتُك ؟ قَالَتْ: عَشَرَةُ أَوْسُقٍ، خَرْصُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنِّي مُتَعَجِّلٌ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ فَلْيَفْعَلْ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَوْفَى عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: هَذِهِ طَابَةُ، فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا، قَالَ: هَذَا جَبَلٌ، يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ. 38162- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا هَمَّ بِبَنِي الأَصْفَرِ أَنْ يَغْزُوَهُمْ، جَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ، وَكَانَ قَلَّمَا أَرَادَ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى عنها بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتَ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، فَاسْتَقْبَلَ حَرًّا شَدِيدًا، وَسَفَرًا بَعِيدًا، وَعَدُوًّا جَدِيدًا، فَكَشَفَ لِلنَّاسِ الْوَجْهَ الَّذِي خَرَجَ بِهِمْ إِلَيْهِ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ. فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَتَجَهَّزَ النَّاسُ مَعَهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لأَتَجَهَّزَ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ، وَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَادٍ وَخَارِجٌ إِلَى وُجْهَةٍ، فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أُدْرِكُهُمْ، وَعَنْدِي رَاحِلَتَانِ، مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي رَاحِلَتَانِ قَطُّ قَبْلَهُمَا، فَأَنَا قَادِرٌ فِي نَفْسِي، قَوِيٌّ بِعُدَّتِي، فَمَا زِلْتُ أَغْدُو بَعْدَهُ وَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، حَتَّى أَمْعَنِ الْقَوْمُ وَأَسْرَعُوا، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِلْحَدِيثِ، وَيَشْغَلَنِي الرَّحَّالُ، فَأَجْمَعْتُ الْقُعُودَ حَتَّى سَبَقَنِي الْقَوْمُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو فَلاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ، أَوْ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، فَيُحْزِنُنِي ذَلِكَ. فَطَفِقْتُ أَعُدُّ الْعُذْرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا جَاءَ، وَأُهَيِّئُ الْكَلاَمُ، وَقُدِّرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ لاَ يَذْكُرَنِي حَتَّى نَزَلَ تَبُوكَ، فَقَالَ فِي النَّاسِ بِتَبُوكَ وَهُوَ جَالِسٌ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ: شَغَلَهُ بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ عَلِمْنَا إِلاَّ خَيْرًا، فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلَ، وَمَا كُنْتُ أَجْمَعُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْعُذْرِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَنْ يُنْجِيَنِي مِنْهُ إِلاَّ الصِّدْقُ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ فَقَدِمَ، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي النَّاسِ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ دَعَانِي، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا كَعْبُ، مَا خَلَّفَك عَنِّي ؟ وَتَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ عُذْرَ لِي، مَا كُنْت قَطُّ أَقْوَى، وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْك، وَقَدْ جَاءَهُ الْمُتَخَلِّفُونَ يَحْلِفُونَ، فَيَقْبَلُ مِنْهُمْ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا صَدَقْتُهُ، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيك مَا هُوَ قَاضٍ، فَقُمْتُ. فَقَامَ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، وَاللهِ إِنْ كَانَ لَكَافِيك مِنْ ذَنْبِكَ الَّذِي أَذْنَبْت اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَك، كَمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِكَ، فَقَدْ قَبِلَ مِنْهُمْ عُذْرَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، فَمَا زَالُوا يَلُومُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَحَدٌ، أَوِ اعْتَذَرَ بِمِثْلِ مَا اعْتَذَرْت بِهِ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، قُلْتُ: مَنْ ؟ قَالَوا: هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ مَرَارَةُ الْعَامِرِي، وَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، قَدَ اعْتَذَرَا بِمِثْلِ الَّذِي اعْتَذَرْت بِهِ، وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ الَّذِي قِيلَ لَكَ. قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ كَلاَمُنَا، فَطَفِقْنَا نَغْدُو فِي النَّاسِ، لاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ، وَلاَ يُسَلِّمُ عَلَيْنَا أَحَدٌ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلاَمًا، حَتَّى إِذَا وفََتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، جَاءَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنِ اعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ، فَأَمَّا هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ، فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ شَيْخٌ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَصْنَعَ لَهُ طَعَامَهُ ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ، قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي امْرَأَتِكَ، كَمَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقَدْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَخْدِمَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ، لاَ أَسْتَأْذِنُهُ فِيهَا، وَمَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِنَ اسْتَأْذَنْتُهُ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: اِلْحَقِي بِأَهْلِكَ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ، وَطَفِقْنَا نَمْشِي فِي النَّاسِ، وَلاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلاَمًا. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ، حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارًا لاِبْنِ عَمٍّ لِي فِي حَائِطِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَمَا حَرَّك شَفَتَيْهِ يَرُدُّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: أُنْشِدُك بِاللهِ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَمَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، ثُمَّ عُدْتُ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَخَرَجْت، فَإِنِّي لأَمْشِي فِي السُّوقِ إِذِ النَّاسُ يُشِيرُونَ إِلَيَّ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ الشَّامِ يَسْأَلُ عَنِّي، فَطَفِقُوا يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ بَعْضِ قَوْمِي بِالشَّامِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا صَنَعَ بِكَ صَاحِبُك، وَجَفْوَتُهُ عَنْك، فَالْحَقْ بِنَا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْك بِدَارِ هَوَانٍ، وَلاَ دَارِ مَضْيَعَةٍ، نُوَاسِكَ فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، قَدْ طَمِعَ فِي أَهْلُ الْكُفْرِ، فَيَمَّمْتُ بِهِ تَنُّورًا، فَسَجَرْتُهُ بِهِ. فَوَاللهِ إِنِّي لَعَلَى تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا، صَبَاحِيهُ خَمْسِينَ لَيْلَةً مُذْ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنَا، أُنْزِلَتِ التَّوْبَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ آذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ، فَذَهَبَ ألنَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَنَادَى: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكَ، أَبْشِرْ، فَخَرَرْت سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْت صَوْتَهُ، خَفَفْتُ لَهُ ثَوْبَيْنِ بِبُشْرَاهُ، وَوَاللهِ مَا أَمْلِكُ يَوْمَئِذٍ ثَوْبَيْنِ غَيْرَهُمَا. وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ، فَخَرَجْتُ قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَقِيَنِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونَنِي بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيَّ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَمَا قَامَ إِلَيَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، كَانَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَذَلِكَ، فَنَادَانِي: هَلُمَّ يَا كَعْبُ، أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْك مُنْذُ وَلَدَتْك أُمُّك، قَالَ: فَقُلْتُ: أَمِنْ عَنْدِ اللهِ، أَمْ مِنْ عَنْدِكَ ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ مِنْ عَنْدِ اللهِ، إِنَّكُمْ صَدَقْتُمَ اللَّهَ فَصَدَّقَكُمْ. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي الْيَوْمَ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمْسِكْ عَلَيْك بَعْضَ مَالِكَ، قُلْتُ: أُمْسِكُ سَهْمِي بِخَيْبَرَ، قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللهِ مَا أَبْلَى اللَّهُ رَجُلاً فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مَا أَبَلاَنِي. 38163- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، خَلَّفَ عَلِيًّا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ؟ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي. 38164- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ؛ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِدَنَانِيرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ، وَيَقُولُ: مَا عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا. 38165- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لأَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ، قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمَ الْعُذْرُ. 38166- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُد بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. 38167- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَوْسَطَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، سَارَعَ نَاسٌ إِلَى أَصْحَابِ الْحِجْرِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَمَرَ فَنُودِي: إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ مُمْسِكٌ بِبَعِيرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: عَلاَمَ تَدْخُلُونَ عَلَى قَوْمٍ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ؟ قَالَ: فَنَادَاهُ رَجُلٌ تَعَجُّبًا مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ ؟ رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، يُحَدِّثُكُمْ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَبِمَا يَكُونُ بَعْدَكُمْ، اسْتَقِيمُوا وَسَدِّدُوا، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَعْبَأُ بِعَذَابِكُمْ شَيْئًا، وَسَيَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ لاَ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِشَيْءٍ.
38168- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى إِضَمٍ، قَالَ: فَلَقِينَا عَامِرَ بْنَ الأَضْبَطِ، قَالَ: فَحَيَّا بِتَحِيَّةِ الإِسْلاَمِ، فَنَزَعْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا قَتَلَهُ سَلَبَهُ بَعِيرًا لَهُ، وَأُهُبًا، وَمُتِيعًا كَانَ لَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا، جِئْنَا بِشَأْنِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَخْبَرْنَاهُ بِأَمْرِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ} الآيَةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي، وَكَانَا شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالاَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الظُّهْرَ، ثُمَّ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ, فَقَامَ إِلَيْهِ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفَ, يَرُدُّ عَنْ دَمِ مُحَلِّمٍ, وَقَامَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الأَضْبَطِ الْقَيْسِيِّ، وَكَانَ أَشْجَعِيًّا، قَالَ: فَسَمِعْتُ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ يَقُولُ: لأُذِيقَنَّ نِسَاءَهُ مِنَ الْحُزْنِ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ ؟ فَأَبَوْا, فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتِلٌ، فَقَالَ: وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ, مَا شَبَّهْتُ هَذَا الْقَتِيلَ فِي غُرَّةِ الإِسْلاَمِ، إِلاَّ كَغَنَمٍ وَرَدَتْ، فَرُمِيَتْ، فَنَفَرَ آخِرُهَا, اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِيَدَيْهِ: لَكُمْ خَمْسُونَ فِي سَفَرِنَا هَذَا, وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا، قَالَ: فَقَبِلُوا الدِّيَةَ. قَالَ: فَقَالُوا: ائْتُوا بِصَاحِبِكُمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَجِيءَ بِهِ، فَوَصَفَ حِلْيَتَهُ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ، حَتَّى أُجْلِسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا اسْمُك ؟ قَالَ: مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِيَدَيْهِ، وَوَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُمَا،: اللَّهُمَّ لاَ تَغْفِرْ لِمُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا بَيْنَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَظْهَرَ هَذَا, وَقَدْ اسْتَغْفَرَ لَهُ فِي السِّرِّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمَّنْتَهُ بِاللهِ ثُمَّ قَتَلْتَهُ ؟ فَوَاللهِ مَا مَكَثَ إِلاَّ سَبْعًا حَتَّى مَاتَ مُحَلَّمٌ، قَالَ: فَسَمِعْتُ الْحَسَنَ يَحْلِفُ بِاللهِ: لَدُفِنَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ تَلْفِظُهُ الأَرْضُ، قَالَ: فَجَعَلُوهُ بَيْنَ سَدَّيْ جَبَلٍ وَرَضَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَأَكَلَتْهُ السِّبَاعُ، فَذَكَرُوا أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنَّ الأَرْضَ لَتُطْبِقُ عَلَى مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَكُمْ بِحُرْمَتِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ.
38169- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يُلاَعَنْ أَهْلَ نَجْرَانَ قَبِلُوا الْجِزْيَةَ أَنْ يُعْطُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ أَتَانِي الْبَشِيرُ بِهَلَكَةِ أَهْلِ نَجْرَانَ، لَوْ تَمُّوا عَلَى الْمُلاَعَنْة، حَتَّى الطَّيْرِ عَلَى الشَّجَرِ، أَوِ الْعُصْفُورِ عَلَى الشَّجَرِ، وَلَمَّا غَدَا إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي خَلْفَهُ. 38170- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ وَهُمْ نَصَارَى: أَنَّ مَنْ بَايَعَ مِنْكُمْ بِالرِّبَا، فَلاَ ذِمَّةَ لَهُ. 38171- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ عُمَرَ أَجْلَى أَهْلَ نَجْرَانَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَاشْتَرَى بَيَاضَ أَرْضِهِمْ وَكُرُومِهِمْ، فَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ؛ إِنْ هُمْ جَاؤُوا بِالْبَقَرِ وَالْحَدِيدِ مِنْ عَنْدِهِمْ، فَلَهُمَ الثُّلُثَانِ وَلِعُمَرَ الثُّلُثُ، وَإِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عَنْدِهِ، فَلَهُ الشَّطْرُ، وَعَامَلَهُمَ النَّخْلَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الْخُمْسَ وَلِعُمَرَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَعَامَلَهُمَ الْكَرْمَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الثُّلُثَ، وَلِعُمَرَ الثُّلُثَانِ. 38172- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ نَجْرَانَ قَدْ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ يَخَافُهُمْ أَنْ يَمِيلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَتَحَاسَدُوا بَيْنَهُمْ، قَالَ: فَأَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ تَحَاسَدْنَا بَيْنَنَا فَأجِّلْنَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ كَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا أَنْ لاَ يُجْلُوا، قَالَ: فَاغْتَنَمَهَا عُمَرُ فَأَجَلاَهُمْ، فَنَدِمُوا، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: أَقِلْنَا، فَأَبَى أَنْ يُقِيلَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ أَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّا نَسْأَلُك بِخَطِّ يَمِينِكَ، وَشَفَاعَتِكَ عِنْدَ نَبِيِّكَ إِلاَّ أَقَلْتَنَا، فَأَبَى، وَقَالَ: وَيْحَكُمْ، إِنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الأَمْرِ. قَالَ سَالِمٌ: فَكَانُوا يَرَوْنَ، أَنَّ عَلِيًّا لَوْ كَانَ طَاعِنًا عَلَى عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ؛ طعَنْ عَلَيْهِ فِي أََهْلِ نَجْرَانَ. 38173- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُسْقُفَا نَجْرَانَ؛ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنا رَجُلاً أَمِينًا، حَقَّ أَمِينٍ، حَقَّ أَمِينٍ، فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَأَرْسَلَهُ مَعَهُمْ. 38174- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى نَجْرَانَ، فَقَالُوا لِي: إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} وَبَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ السِّنِينَ ؟ فَلَمْ أَدْرِ مَا أُجِيبُهُمْ بِهِ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ، وَالصَّالِحِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؟. 38175- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأَسْقُفِ نَجْرَانَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَسْلِمْ، قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَسْلِمْ، قَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ قَبْلَك، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَذَبْتَ، مَنَعَك مِنَ الإِسْلاَمِ ثَلاَثَةٌ: ادِّعَاؤُك لِلَّهِ وَلَدًا، وَأَكْلُك الْخِنْزِيرَ، وَشُرْبُك الْخَمْرَ.
38176- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَانَ أَبُو بَكْرٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ مُسَجًّى، فَوَضْعَ فَاهُ عَلَى جَبِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَجَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا، وَطِبْتَ مَيِّتًا، فَلَمَّا خَرَجَ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلاَ يَمُوتُ حَتَّى يَقْتُلَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، وَحَتَّى يُخْزِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ: وَكَانُوا قَدَ اسْتَبْشَرُوا بِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، اِرْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ قَدْ مَاتَ، أَلَمْ تَسْمَعَ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّك مَيِّتٌ، وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وَقَالَ: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ، أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمَ الْخَالِدُونَ}. قَالَ: ثُمَّ أَتَى الْمِنْبَرَ فَصَعِدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ إِلَهَكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ، فَإِنَّ إلَهَكُمْ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَإِنْ كَانَ إِلَهَكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، فَإِنَّ إِلَهَكُمْ لَمْ يَمُتْ، ثُمَّ تَلاَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ، ثُمَّ نَزَلَ، وَقَدِ اسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ وَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ، وَأَخَذَتِ الْمُنَافِقِينَ الْكَآبَةُ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا كَانَتْ عَلَى وُجُوهِنَا أَغْطِيَةٌ، فَكُشِفَتْ. 38177- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَيْنَ يَدْفِنُونَهُ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ لاَ يُحَوَّلُ عَنْ مَكَانِهِ، وَيُدْفَنُ حَيْثُ يَمُوتُ، فَنَحَّوْا فِرَاشَهُ، فَحَفَرُوا لَهُ مَوْضِعَ فِرَاشِهِ. 38178- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ، فَلَقِيت رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالاَ: إِنْ كَانَ حَقًّا مَا تَقُولُ، فَقَدْ مَرَّ صَاحِبُك عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ، فَأَقْبَلْتُ وَأَقْبَلاَ مَعِيَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، قَالَ: فَقَالاَ لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَك أَنَّا قَدْ جِئْنَا، وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ، قَالَ: أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ، إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُك خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ، إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ، وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ. 38179- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ مَاتَ، قَالَ: أَقْبَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، وَيَدْخُلُ آخَرُونَ كَذَلِكَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: يُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ ؟ قَالَ: يُصَلُّونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ. 38180- حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمْ يُؤَمَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِمَامٌ، وَكَانُوا يَدْخُلُونَ أَفْوَاجًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُونَ. 38181- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَعَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَبْكِي، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ يَا أُمَّ أَيْمَنَ ؟ قَالَتْ: أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ، انْقَطَعَ عَنَّا. 38182- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ، أَوْ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، فَانْطَلَقَا إِلَيْهَا، فَجَعَلَتْ تَبْكِي، فَقَالاَ لَهَا: يَا أُمَّ أَيْمَنَ، إِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ، انْقَطَعَ عَنَّا، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلاَ يَبْكِيَانِ مَعَهَا. 38183- حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَتْ صَفِيَّةُ، وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهِيَ تَلْمَعُ بِثَوْبِهَا، يَعَنْي تُشِيرُ بِهِ، وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ كَانَ بَعْدَك أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ لَوْ كُنْتَ شَاهِدُهَا لَمْ تُكْثِرَ الْخُطبَ. 38184- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ الَّذِي وَلِيَ دَفْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَإِجْنَانَهُ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ دُونَ النَّاسِ: عَلِيٌّ، وَعَبَّاسٌ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَحَدُوا لَهُ، وَنَصَبُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ نَصْبًا. 38185- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَأُسَامَةُ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَحَدَّثَنِي مَرْحَبٌ، أَوِ ابْنُ أَبِي مَرْحَبٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ دَخَلَ مَعَهُمَ الْقَبْرَ. 38186- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَأُسَامَةُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْحَبٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ دَخَلَ مَعَهُمَ الْقَبْرَ. قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مِنْ يَلِي الْمَيِّتَ إِلاَّ أَهْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ: وَجَعَلَ عَلِيٌّ يَقُولُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا. 38187- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: غُسِّلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي قَمِيصٍ، فَوَلِيَ عَلِيٌّ سِفْلَتَهُ، وَالْفَضْلُ مُحْتَضنُهُ، وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ، قَالَ: وَالْفَضْلُ يَقُولُ: أَرِحْنِي، قَطَعْتَ وَتِينِي، إِنِّي لأَجِدُ شَيْئًا يَنْزِلُ عَلَيَّ، قَالَ: وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَة بِقُبَاءَ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ أَرِيسٍ، قَالَ: وَقَدْ وَاللهِ شَرِبْتُ مِنْهَا وَاغْتَسَلْتُ. 38188- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، وَابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ عَلِيًّا الْتَمَسَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا. 38189- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْزِعُوهُ، فَسَمِعُوا نِدَاءً مِنَ الْبَيْتِ: أَنْ لاَ تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ. 38190- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ مَا مَاتَ. 38191- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَكَى النَّاسُ، فَقَامَ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيبًا، فَقَالَ: لاَ أَسْمَعُ أَحَدًا يَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَلَكِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَبُّهُ، كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى رَبُّهُ، فَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى مُوسَى، فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُوَ أَنْ تُقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلِهِمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَاتَ. 38192- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمًا وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَأَهْوَى قِبَلَ الْمِنْبَرِ، حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهِ فَاتَّبَعَنْاهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَقَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ السَّاعَةَ، وَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا، فَاخْتَارَ الآخِرَةَ، فَلَمْ يَفْطِنْ لَهَا أَحَدٌ إِلاَّ أَبُو بَكْرٍ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، بَلْ نَفْدِيك بِآبَائِنَا، وَأُمَّهَاتِنَا، وَأَنْفُسِنَا، وَأَمْوَالِنَا، قَالَ: ثُمَّ هَبَطَ، فَمَا قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38193- حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: أَيْنَ أَكُونُ غَدًا ؟ قَالَوا: عَنْدَ فُلاَنَةَ، قَالَ: أَيْنَ أَكُونُ بَعْدَ غَدٍ ؟ قَالَوا: عَنْدَ فُلاَنَةَ، فَعَرَفْنَ أَزْوَاجُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ عَائِشَةَ، فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ وَهَبْنَا أَيَّامَنَا لأُخْتِنَا عَائِشَةَ. 38194- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: حَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتْ: نَعَمْ، مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَثَقُلَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَفَاقَ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، فَفَعَلْنَا، قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، قَالَتْ: قَدْ فَعَلْنَا، قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ بَعْدُ ؟ فَقُلْنَا: لاَ، يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ يَنْتَظِرُونَك، قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِيُصَلِّيَ بِهِمْ عِشَاءَ الآخِرَةِ. قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ بَعْدُ ؟ قُلْتُ: لاَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَتْ: فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَأْمُرُك أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، صَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ، إِنَّمَا أَرْسَلَ إِلَيْك رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَجَدَ خِفَّةً مِنْ نَفْسِهِ، فَخَرَجَ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ، فَقَالَ لَهُمَا: أَجْلَسَانِي عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ، ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ، قَالَتْ: فَأَجْلَسَاهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ جَالِسٌ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَلاَ أَعْرِضُ عَلَيْك مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ ؟ قَالَ: هَاتِ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ هَذَا، فَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَتْك مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: هُوَ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللهُ. 38195- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا دَاوُد، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَامَ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنْكُمْ، قَرَنَ مَعَهُ رَجُلاً مِنَّا، فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ رَجُلاَنِ؛ أَحَدُهُمَا مِنْكُمْ وَالآخَرُ مِنَّا، قَالَ: فَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَإِنَّ الإِمَامَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْ فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ، لَمَا صَالَحْنَاكُمْ. 38196- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ: حدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، فَكَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ زُمَرًا زُمَرًا، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُونَ، وَلَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَد، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم .
38197- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: حَجَّ عُمَرُ فَأَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ خُطْبَةً، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّهُ قَدَ اجْتَمَعَ عِنْدَكَ رِعَاعُ النَّاسِ وَسِفْلَتُهُمْ، فَأَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ دَنَوْتُ قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ، أَنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ خِلاَفَةَ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، إِنَّهُ لاَ خِلاَفَةَ إِلاَ عَنْ مَشُورَةٍ. 38198- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَنَحْنُ بِمِنًى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أُعَلِّمُ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ الْقُرْآنَ، فَأَتَيْتُهُ فِي الْمَنْزِلِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقِيلَ: هُوَعِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ، فَقَالَ لِي: قَدْ غَضِبَ هَذَا الْيَوْمَ غَضَبًا مَا رَأَيْته غَضِبَ مِثْلَهُ مُنْذُ كَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِمَ ذَاكَ ؟ قَالَ: بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ ذَكَرَا بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالاَ: وَاللهِ مَا كَانَتْ إِلاَّ فَلْتَةً، فَمَا يَمْنَعُ امْرَءًا إِنْ هَلَكَ هَذَا أَنْ يَقُومَ إِلَى مَنْ يُحِبُّ، فَيَضْرِبُ عَلَى يَدِهِ، فَتَكُونُ كَمَا كَانَتْ، قَالَ: فَهَمَّ عُمَرُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ، قَالَ: فَقُلْتُ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّك بِبَلَدٍ قَدَ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ أَفْنَاءُ الْعَرَبِ كُلُّهَا، وَإِنَّك إِنْ قُلْتُ مَقَالَةً حُمِلَتْ عَنْك وَانْتَشَرَتْ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا، فَلَمْ تَدْرِ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعِينُك مَنْ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ سَيَصِيرُ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ رُحْتُ مَهْجَرًا، حَتَّى أَخَذْتُ عِضَادَةَ الْمِنْبَرِ الْيُمْنَى، وَرَاحَ إِلَيَّ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، حَتَّى جَلَسَ مَعِي، فَقُلْتُ: لَيَقُولَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مَقَالَةً، مَا قَالَهَا مُنْذُ اُسْتُخْلِفَ، قَالَ: وَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ ؟ قُلْتُ: سَتَسْمَعُ ذَلِكَ. قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ خَرَجَ عُمَرُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَبْقَى رَسُولَهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ اللهِ، يُحِلُّ بِهِ وَيُحَرِّمُ، ثُمَّ قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ، فَرَفَعَ مِنْهُ مَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَ، وَأَبْقَى مِنْهُ مَا شَاءَ أَنْ يُبْقِي، فَتَشَبَّثْنَا بِبَعْضٍ، وَفَاتَنَا بَعْضٌ، فَكَانَ مِمَّا كُنَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ: لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، وَنَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ، فَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَرَجَمْنَا مَعَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ حَفِظْتُهَا وَعَلِمْتُهَا وَعَقَلْتهَا، وَلَوْلاَ أَنْ يُقَالُ: كَتَبَ عُمَرُ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ فِيهِ، لَكَتَبْتهَا بِيَدِي كِتَابًا، وَالرَّجْمُ عَلَى ثَلاَثَةِ مَنَازِلَ: حَمْلٌ بَيِّنٌ، أَوِ اعْتِرَافٌ مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ شُهُودث عَدْلٌ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالاً يَقُولُونَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهَا كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَعَمْرِي إِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعْطَى خَيْرَهَا، وَوَقَى شَرَّهَا، وَأَيَّكُمْ هَذَا الَّذِي تَنْقَطِعُ إِلَيْهِ الأَعَنْاقُ كَانْقِطَاعِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ. إِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تُوُفِّيَ، فَأَتَيْنَا، فَقِيلَ لَنَا: إِنَّ الأَنْصَارَ قَدَ اجْتَمَعَتْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ يُبَايِعُونَهُ، فَقُمْتُ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَحْوَهُمْ، فَزِعِينَ أَنْ يُحْدِثُوا فِي الإِسْلاَمِ فَتْقًا، فَلَقِيَنَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ؛ رَجُلُ صِدْقٍ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَمَعْن بْنُ عَدِي، فَقَالاَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ فَقُلْنَا: قَوْمَكُمْ، لِمَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِهِمْ، فَقَالاَ: ارْجِعُوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تُخَالِفُوا، وَلَنْ يُؤْتَ شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ، فَأَبَيْنَا إِلاَّ أَنْ نَمْضِي، وَأَنَا أَزوّر كَلاَمُا أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ، وَإِذَا هُمْ عَكَر هُنَالِكَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ مَرِيضٌ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُمْ، تَكَلَّمُوا فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ, إِنْ شِئْتُمْ وَاللهِ رَدَدْنَاهَا جَذَعَةً. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكُمْ، فَذَهَبْتُ لأَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْصِتْ يَا عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّا وَاللهِ مَا نُنْكِرُ فَضْلَكُمْ، وَلاَ بَلاَءَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ، وَلاَ حَقَّكُمُ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَنْزِلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، لَيْسَ بِهَا غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ الْعَرَبَ لَنْ تَجْتَمِعَ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَنَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمَ الْوُزَرَاءُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَلاَ تَصَدَّعُوا الإِسْلاَمَ، وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ فِي الإِسْلاَمِ, أَلاَ وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، لِي وَلأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ, فَأَيُّهُمَا مَا بَايَعْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ ثِقَةٌ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقُولَهُ إِلاَّ وَقَدْ قَالَهُ، يَوْمَئِذٍ، غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ, فَوَاللهِ لأَنْ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَى، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَى، فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ أَمِيرًا عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ بَعْدِهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} أَبُو بَكْرٍ السَّبَّاقُ الْمَتِينُ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَبَادَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَضَرَبَ عَلَى يَدِهِ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، ثُمَّ ضَرَبْتُ عَلَى يَدِهِ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ، وَمِيلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ النَّاسُ: قُتِلَ سَعْدٌ، فَقُلْتُ: اُقْتُلُوهُ، قَتَلَهُ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ بِأَبِي بَكْرٍ، فَكَانَتْ لَعَمْرُ اللهِ فَلْتَةٌ كَمَا قُلْتُمْ، أَعْطَى اللَّهُ خَيْرَهَا وَوَقَى شَرَّهَا، فَمَنْ دَعَا إِلَى مِثْلِهَا، فَهُوَ الَّذِي لاَ بَيْعَةَ لَهُ، وَلاَ لِمَنْ بَايَعَهُ. 38199- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ الأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ ؟ فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ. 38200- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عْن أَبِيهِ أَسْلَمَ؛ أَنَّهُ حِينَ بُويِعَ لأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَانَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ يَدْخُلاَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَيُشَاوِرُونَهَا وَيَرْتَجِعُونَ فِي أَمْرِهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَاللهِ مَا مِنْ الْخَلْقِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَبِيك، وَمَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبَّ إِلَيْنَا بَعْدَ أَبِيك مِنْك، وَأَيْمُ اللهِ، مَا ذَاكَ بِمَانِعِيَّ إِنَ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ النَّفَرُ عِنْدَكِ، أَنْ آمُرَ بِهِمْ أَنْ يُحَرَّقَ عَلَيْهِمَ الْبَيْتُ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ جَاؤُوهَا، فَقَالَتْ: تَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ جَاءَنِي، وَقَدْ حَلَفَ بِاللهِ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيُحَرِّقَنَّ عَلَيْكُمُ الْبَيْتَ، وَأَيْمُ اللهِ، لَيَمْضِيَنَّ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَانْصَرِفُوا رَاشِدِينَ، فَرُوْا رَأْيَكُمْ، وَلاَ تَرْجِعُوا إِلَيَّ، فَانْصَرَفُوا عنها، فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا، حَتَّى بَايَعُوا لأَبِي بَكْرٍ. 38201- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَشْهَدَا دَفْنَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَانَا فِي الأَنْصَارِ، فَبُويِعَا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا. 38202- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عْن أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ آخِذٌ بِلِسَانِهِ يُنَضْنِضُهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اللَّهَ اللَّهَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ، وَهُوَ يَقُولُ: هَاهْ، إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ. 38203- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللهِ، قَالَ: لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللهِ، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ، أَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ. 38204- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَمَا حَدَّثَكُمَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ شَيْءٍ فَصَدِّقُوهُ. 38205- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَالِمٍ الْمُرَادِيِّ أَبِي الْعَلاَءِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، إِلاَّ إِنَّهُ قَالَ: تَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. 38206- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ حَتَّى أَتَيَا الأَنْصَارَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّا لاَ نُنْكِرُ حَقَّكُمْ، وَلاَ يُنْكِرُ حَقَّكُمْ مُؤْمِنٌ، وَإِنَّا وَاللهِ مَا أَصَبْنَا خَيْرًا إِلاَّ مَا شَارَكْتُمُونَا فِيهِ، وَلَكِنْ لاَ تَرْضَى الْعَرَبُ وَلاَ تُقِرُّ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، لأَنَّهُمْ أَفْصَحُ النَّاسِ أَلْسِنَةً، وَأَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وَأَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ شُِجِنةً فِي الْعَرَبِ، فَهَلُمُّوا إِلَى عُمَرَ فَبَايِعُوهُ، قَالَ: فَقَالُوا: لاَ، فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ ؟ فَقَالُوا: نَخَافُ الأَثَرَةَ، قَالَ عُمَرُ: أَمَّا مَا عِشْتُ فَلاَ، قَالَ: فَبَايِعُوا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي، فَقَالاَهَا الثَّانِيَةَ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّ قُوَّتِي لَك مَعَ فَضْلِكَ، قَالَ: فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَتَى النَّاسُ عِنْدَ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ أَبَا عبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: أَتَأْتُونِي وَفِيكُمْ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ، يَعَنْي أَبَا بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: مَنْ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ، قَالَ: قَوْلُ اللهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}. 38207- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسَئِلَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَسْتَخْلِفُ، أَوِ اسْتَخْلَفَ ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثُمَّ قِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَتْ: ثُمَّ عُمَرُ، قِيلَ: مَنْ بَعْدَ عُمَرَ ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى ذَلِكَ. 38208- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: ثُمَّ اُسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ بِعَمَلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبِسُنَّتِهِ، ثُمَّ قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَكَانَ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَمِلَ بِعَمَلِهِمَا وَسُنَّتِهِمَا، ثُمَّ قُبِضَ عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَكَانَ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ. 38209- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمَّا ارْتَدَّ مَنْ ارْتَدَّ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُجَاهِدَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّى لاَ أُقَاتِلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ ؟ وَاللهِ، لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَجْمَعَهُمَا، قَالَ عُمَرُ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ، فَكَانَ وَاللهِ رَشَدًا، فَلَمَّا ظَفِرَ بِمَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ، قَالَ: اخْتَارُوا بَيْنَ خِطَّتَيْنِ: إِمَّا حَرْبٌ مُجَلِّيَةٌ، وَإِمَّا الْخُطَّةُ الْمُخْزِيَةُ، قَالَوا: هَذِهِ الْحَرْبُ الْمُجَلِّيَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْخُطَّةُ الْمُخْزِيَةُ ؟ قَالَ: تَشْهَدُونَ عَلَى قَتْلاَنَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلَى قَتْلاَكُمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ . فَفَعَلُوا. 38210- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَنَزَلَ بِأَبِي بَكْرٍ مَا لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ لَهَاضَهَا، اشْرَأَبَّ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ، وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَوَاللهِ مَا اخْتَلَفُوا فِي نُقْطَةٍ إِلاَّ طَارَ أَبِي بِحَظِّهَا وعَنَائِهَا فِي الإِسْلاَمِ، وَكَانَتْ تَقُولُ مَعَ هَذَا: وَمَنْ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ غِنَاءً لِلإِسْلاَمِ، كَانَ وَاللهِ أَحْوَذِيًّا، نَسِيجَ وَحْدِهُ، قَدْ أَعَدَّ لِلأُمُورِ أَقْرَانَهَا.
38211- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ يَسْتَخْلِفُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا، وَلَوْ قَدْ وَلِيَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ، فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ، وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِرَبِّي تُخَوِّفُونَنِي ؟ أَقُولُ: اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ خَلْقِك. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهَا: إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِالنَّهَارِ لاَ يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ ، وَإِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِاللَّيْلِ لاَ يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ لاَ يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدِّيَ الْفَرِيضَةَ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْحَقَّ وَثِقَلُهُ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ لاَ يُوضَعُ فِيهِ إِلاَّ الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلاً، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمَ الْبَاطِلَ وَخِفَّتُهُ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ لاَ يُوضَعُ فِيهِ إِلاَّ الْبَاطِلُ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِصَالِحِ مَا عَمِلُوا، وَأَنَّهُ تَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: لاَ أَبْلُغُ هَؤُلاَءِ، وَذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَإِ مَا عَمِلُوا، وَأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ صَالِحَ مَا عَمِلُوا، فَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَؤُلاَءِ، وَذَكَرَ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَآيَةَ الْعَذَابِ، لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا وَرَاهِبًا، لاَ يَتَمَنَّى عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ، وَلاَ يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ. فَإِنْ أَنْتَ حَفِظْت وَصِيَّتِي، لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْك مِنَ الْمَوْتِ، وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْت وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْك مِنَ الْمَوْتِ، وَلَنْ تَعْجِزَهُ. 38212- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ، وَهُوَ يُجْلِسُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: اسْمَعُوا لِقَوْلِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ، قَالَ: فَجَاءَ مَوْلًى لأَبِي بَكْرٍ يُقَالُ لَهُ: شَدِيدٌ بِصَحِيفَةٍ، فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لِمَنْ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَوَاللهِ مَا أَلَوْتُكُمْ، قَالَ قَيْسٌ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. 38213- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ حِين تَفَرَّسَ فِي عُمَرَ فَاسْتَخْلَفَهُ، وَالَّتِي قَالَتْ: {اسْتَأْجِرْهُ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} وَالْعَزِيزُ حِينَ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}. 38214- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: جِئْتُ وَإِذَا عُمَرُ وَاقِفٌ عَلَى حُذَيْفَةَ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، فَقَالَ: تَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، فَقَالَ: حُذَيْفَةُ: لَوْ شِئْتُ لأَضْعَفْتُ أَرْضِي، وَقَالَ عُثْمَان: لَقَدْ حَمَّلْتُ أَرْضِي أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ ، وَمَا فِيهَا كَثِيرُ فَضْلٍ، فَقَالَ: اُنْظُرَا مَا لَدَيْكُمَا، أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لأَدَعَنْ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ بَعْدِي إِلَى أَحَدٍ أَبَدًا، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ. قَالَ: وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ، فَقَالَ: اسْتَوُوا، فَإِذَا اسْتَوَوْا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، قَالَ: فَلَمَّا كَبَّرَ طُعَنْ مَكَانَهُ، قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي الْكَلْبُ، أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ، قَالَ عَمْرٌو: مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ ؟ وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ غَيْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، وَطَارَ الْعِلْجُ وَبِيَدِهِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ، مَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا، وَلاَ شِمَالاً إِلاَّ طَعَنْهُ حَتَّى أَصَابَ مِنْهُمْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لِيَأْخُذَهُ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ. قَالَ: فَصَلَّيْنَا الْفَجْرَ صَلاَةً خَفِيفَةً، قَالَ: فَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلاَ يَدْرُونَ مَا الأَمْرُ إِلاَّ أَنَّهُمْ حَيْثُ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، جَعَلُوا يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا كَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: اُنْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ: فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ الصَّنَّاعُ، وَكَانَ نَجَّارًا، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مُنْيَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ، قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوك تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوج بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا، فَقَالَ: بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكُمْ وَصَلَّوْا صَلاَتَكُمْ وَنَسَكُوا نُسُكَكُمْ ؟. قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ، قَالَ: فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، ثُمَّ دَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: اُنْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ فَاحْسِبْهُ، فَقَالَ: سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، فَقَالَ: إِنْ وَفَى بِهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا عَنِّي مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلاَّ فَسَلْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ تَفِي مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِلاَّ فَسَلْ قُرَيْشًا، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّهَا عَنِّي. اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَلِّمْ وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَلاَ تَقُلْ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ لَهُمُ الْيَوْمَ بِأَمِيرٍ، أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قَالَ: فَأَتَاهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قَالَتْ: قَدْ وَاللهِ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا جَاءَ، قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: فَقَالَ: ارْفَعَانِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْك ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَك، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْمِلُونِي عَلَى سَرِيرِي، ثُمَّ اسْتَأْذِنْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لَك؛ فَأَدْخِلْنِي، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ فَرُدَّنِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَلَمَّا حُمِلَ كَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَذِنَتْ لَهُ، حَيْثُ أَكْرَمَهُ اللَّهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ. فَقَالُوا لَهُ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: لاَ أَجِدُ أَحَدًا أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَأَيَّهُمَ اسْتَخْلَفُوا فَهُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي، فَسَمَّى عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدًا، فَإِنْ أَصَابَتْ سَعْدًا فَذَلِكَ، وَإِلاَّ فَأَيُّهُمَ اُسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعَنْ بِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَنْزَعْهُ عَنْ عَجْزٍ، وَلاَ خِيَانَةٍ، قَالَ: وَجَعَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يُشَاوِرُ مَعَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ. قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاَثَةِ نَفَرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ الزُّبَيْرُ أَمْرَهُ إِلَى عَلِيٍّ، وَجَعَلَ طَلْحَةُ أَمْرَهُ إِلَى عُثْمَانَ، وَجَعَلَ سَعْدٌ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَأَتْمِرُوا أُولَئِكَ الثَّلاَثَةَ حِينَ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ يَتَبَرَّأُ مِنَ الأَمْرِ وَيَجْعَلُ الأَمْرَ إِلَيَّ، وَلَكُمُ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لاَ آلُو عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ عَلِيٌّ وَعُثْمَان، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: تَجْعَلاَنِهِ إِلَيَّ وَأَنَا أَخْرُجُ مِنْهَا، فَوَاللهِ لاَ آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، فَخَلاَ بِعَلِيٍّ، فَقَالَ: إِنَّ لَك مِنَ الْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَالْقَدَمِ، وَلِي اللَّهُ عَلَيْك لَئِنَ اُسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنَ اُسْتُخْلِفَ عُثْمَان لَتَسْمَعْن وَلَتُطِيعُنَّ ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَخَلاَ بِعُثْمَانَ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا عُثْمَان، أَبْسِطْ يَدَك، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللهِ، وَالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَعْرِفَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَجُبَاةِ الأَمْوَالِ، أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فَيْؤُهُمْ إِلاَّعَنْ رِضًا مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا؛ الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ، أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ. 38215- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا حُضِرَ، قَالَ: اُدْعُوا لِي عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدًا، قَالَ: فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، لَعَلَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَعْرِفُونَ لَكَ قَرَابَتَكَ، وَمَا آتَاك اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، فَاتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ هَذَا الأَمْرَ فَلاَ تَرْفَعْنَ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ لِعُثْمَانَ: يَا عُثْمَان، إِنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَ لَك صِهْرَك مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَسِنَّك، وَشَرَفَك، فَإِنْ أَنْتَ وُلِّيتَ هَذَا الأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَرْفَعْ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، فَقَالَ: اُدْعُوا لِي صُهَيْبًا، فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلاَثًا، وَلْيَجْتَمِعْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ فَلِيَخْلُوا، فَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى رَجُلٍ، فَاضْرِبُوا رَأْسَ مَنْ خَالَفَهُمْ. 38216- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمَّيْهِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالاَ: قَالَ عُمَرُ: لِيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ ثَلاَثًا، وَانْظُرُوا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، وَإِلاَّ فَإِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لاَ يُتْرَكُ فَوْقَ ثَلاَثٍ سُدًى. 38217- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ خَطِيبًا يَوْمَ جُمُعَةٍ، أَوْ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، وَلاَ أَرَى ذَلِكَ إِلاَّ لِحُضُورِ أَجَلِي، وَإِنَّ النَّاسَ يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَخِلاَفَتَهُ، وَالَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَإِنْ عُجِّلَ بِي أَمْرٌ، فَالْخِلاَفَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَأَيُّهُمْ بَايَعْتُمْ لَهُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالاً سَيَطْعَنْونَ فِي هَذَا الأَمْرِ، وَإِنِّي قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ الْكَفَرَةُ الضُّلاَّلُ. إنِّي وَاللهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ أَمْرِ الْكَلاَلَةِ، وَقَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا، حَتَّى طَعَنْ بِأُصْبُعِهِ فِي جَنْبِي، أَوْ صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ، تَكْفِيك آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِرِ النِّسَاءِ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَقْضِي فِيهَا قَضِيَّةً لاَ يَخْتَلِفُ فِيهَا أَحَدٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، أَوْ لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُك عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ، فَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْأَهُمْ، وَيَعْدِلُوا فِيهِمْ، فَمَنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ رَفَعَهُ إِلَيَّ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لاَ أَرَاهُمَا إِلاَّ خَبِيثَتَيْنِ؛ هَذَا الثُّومُ وَهَذَا الْبَصَلُ، لَقَدْ كُنْت أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ، فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ كَانَ آكِلْهُمَا لاَ بُدَّ فَلِيُمِتْهُمَا طَبْخًا. قَالَ: فَخَطَبَ بِهَا عُمَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، لأَرْبَعٍ بَقِينَ لِذِي الْحَجَّةِ. 38218- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: حجَجْتُ الْعَامَ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عُمَرُ، قَالَ: فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ جُمُعَةٌ، أَوْ نَحْوَهَا حَتَّى أُصِيبَ، قَالَ: فَأُذِنَ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ أُذِنَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أُذِنَ لأَهْلِ الشَّامِ، ثُمَّ أُذِنَ لأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَكُنَّا آخِرَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ، وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِبُرْدٍ أَسْوَدَ، وَالدِّمَاءُ تَسِيلُ، كُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ بَكَوْا وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا لَهُ: أَوْصِنَا، وَمَا سَأَلَهُ الْوَصِيَّةَ أَحَدٌ غَيْرَنَا، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ، وَأُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، وَأُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ شِعَبُ الإِيمَانِ الَّذِي لَجَأَ إِلَيْهِ، وَأُوصِيكُمْ بِالأَعْرَابِ فَإِنَّهَا أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ، وَأُوصِيكُمْ بِذِمَّتِكُمْ، فَإِنَّهَا ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ، قُومُوا عَنِّي، فَمَا زَادَنَا عَلَى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ. 38219- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: لَمَّا طُعَنْ عُمَرُ، مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ، فَنَادَى مُنَادٍ: الصَّلاَةُ، فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ، فَقَرَأَ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَرَ}، وَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ}، فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّبِيبُ، وَجُرْحُهُ يَسِيلُ دَمًا، فَقَالَ: أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْك ؟ قَالَ: النَّبِيُّذُ، فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ: هَذَا صَدِيدٌ، ائْتُونِي بِلَبَنٍ، فَأُتِيَ بِلَبَنٍ، فَشَرِبَ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: أَوْصِهِ، فَإِنِّي لاَ أَظُنُّك إِلاَّ مَيِّتًا مِنْ يَوْمِكَ، أَوْ مِنْ غَدٍ. 38220- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الرَّازِيّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: حَلفَ بِاللهِ، لَقَدْ طُعَنْ عُمَرُ وَإِنَّهُ لَفِي النَّحْلِ يَقْرَؤُهَا. 38221- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مِينَاءَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، وَإِنَّ إِحْدَى أَصَابِعِي فِي جُرْحِهِ هَذِهِ، أَوْ هَذِهِ، أَوْ هَذِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي لاَ أَخَافُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ، إِنَّمَا أَخَافُكُمْ عَلَى النَّاسِ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ثِنْتَيْنِ، لَنْ تَبْرَحُوا بِخَيْرٍ مَا لَزِمْتُمُوهُمَا: الْعَدْلُ فِي الْحُكْمِ، وَالْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ مُخَرَفَةِ النَّعَمِ، إِلاَّ أَنْ يَعَوَّجَ قَوْمٌ، فَيُعْوَجَّ بِهِمْ. 38222- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا، وَابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عُمَرَ بَعْدَ مَا طُعَنْ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: لاَ يَنْتَبِهُ لِشَيْءٍ أَفْرَغَ لَهُ مِنَ الصَّلاَةِ، فَقُلْنَا: الصَّلاَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَبَهَ، وَقَالَ: الصَّلاَةُ، وَلاَ حَظَّ فِي الإِسْلاَمِ لاِمْرِئٍ تَرَكَ الصَّلاَةَ، فَصَلَّى وَإِنَّ جُرْحَهُ لَيَثْعَبُ دَمًا. 38223- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: كُنْتُ أَدَعُ الصَّفَّ الأَوَّلَ هَيْبَةً لِعُمَرَ، وَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي يَوْمَ أُصِيبَ، فَجَاءَ، فَقَالَ: الصَّلاَةُ عِبَادَ اللهِ، اسْتَوُوا، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا، فَطَعَنْهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ طَعَنْتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، قَالَ: وَعَلَى عُمَرَ ثَوْبٌ أَصْفَرُ، قَالَ: فَجَمَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ أَهْوَى، وَهُوَ يَقُولُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} فَقَتَلَ وَطَعَنَ اثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، قَالَ: وَمَالَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَاتَّكَأَ عَلَى خِنْجَرِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. 38224- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: إِنِّي رَأَيْت الْبَارِحَةَ دِيكًا نَقَرَنِي، وَرَأَيْتُهُ يُجْلِيهِ النَّاسُ عَنِّي، وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللهِ لَئِنْ بَقِيتُ لأَجْعَلَنَّ سِفْلَةَ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْعَطَاءِ عَلَى أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ ثَلاَثًا، حَتَّى قَتَلَهُ غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ، أَبُو لُؤْلُؤَةَ. 38225- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: مَا خَصَّ عُمَرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الشُّورَى دُونَ أَحَدٍ، إِلاَّ إِنَّهُ خَلاَ بِعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَ ابْتَلاَك اللَّهُ بِهَذَا الأَمْرِ، فَلاَ تَرْفَعْ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ لِلآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ. 38226- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، فَلاَ تَحْمِلْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: اتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، فَلاَ تَحْمِلْ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. 38227- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زُرْعَةَ، عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنْ صَلَّى عَلَى عُمَرَ ؟ قَالَ: صُهَيْبٌ. 38228- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ؛ أَنَّ عُمَرَ حِينَ طُعَنْ جَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُونَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَبِالإِمَارَةِ تُزَكُّونَنِي ؟ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقُبِضَ وَهُوَ عَنْي رَاضٍ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا سَامِعٌ مُطِيعٌ، وَمَا أَصْبَحْتُ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إِلاَّ إِمَارَتَكُمْ . 38229- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَأَشْيَاخٌ، قَالَوا: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي ثَلاَثَ نَقَرَاتٍ، بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالسُّرَّةِ، قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ: قُولُوا لَهُ فَلِيُوصِ، وَكَانَتْ تَعْبُرُ الرُّؤْيَا، فَلاَ أَدْرِي أَبَلَغَهُ ذَلِكَ، أَمْ لاَ، فَجَاءَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْكَافِرُ الْمَجُوسِيُّ، عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ جَعَلَ عَلَيَّ مِنَ الْخَرَاجِ مَا لاَ أُطِيقُ، قَالَ: كَمْ جَعَلَ عَلَيْك ؟ قَالَ، كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَمَا عَمَلُك ؟ قَالَ: أَجُوبُ الأَرْحَاءَ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ عَلَيْك بِكَثِيرٍ، لَيْسَ بِأَرْضِنَا أَحَدٌ يَعْمَلُهَا غَيْرُك، أَلاَ تَصْنَعُ لِي رَحًى ؟ قَالَ: بَلَى، وَاللهِ لأَجْعَلَنَّ لَك رَحًى يَسْمَعُ بِهَا أَهْلُ الآفَاقِ. فَخَرَجَ عُمَرُ إِلَى الْحَجِّ، فَلَمَّا صَدَرَ اضْطَجَعَ بِالْمُحَصَّبِ، وَجَعَلَ رِدَاءَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَأَعْجَبَهُ اسْتِوَاؤُهُ وَحُسْنُهُ، فَقَالَ: بَدَأَ ضَعِيفًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلَ اللَّهُ يَزِيدُهُ وَيُنْمِيهِ حَتَّى اسْتَوَى، فَكَانَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، ثُمَّ هُوَ يَنْقُصُ حَتَّى يَرْجِعَ كَمَا كَانَ، وَكَذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ رَعِيَّتِي قَدْ كَثُرَتْ وَانْتَشَرَتْ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْك غَيْرَ عَاجِزٍ، وَلاَ مُضَيِّعٍ. فَصَدَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَاتَتْ بِالْبَيْدَاءِ، مَطْرُوحَةً عَلَى الأَرْضِ، يَمُرُّ بِهَا النَّاسُ لاَ يُكَفِّنُهَا أَحَد، وَلاَ يُوَارِيهَا أَحَدٌ، حَتَّى مَرَّ بِهَا كُلَيْبُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِي، فَأَقَامَ عَلَيْهَا، حَتَّى كَفَّنَهَا وَوَارَاهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: مَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالُوا: لَقَدْ مَرَّ عَلَيْهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فِيمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَدَعَاهُ، وَقَالَ: وَيْحَكَ، مَرَرْتَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَطْرُوحَةً عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ تُوَارِهَا وَلَمْ تُكَفِّنْهَا ؟ قَالَ: مَا شَعَرْتُ بِهَا، وَلاَ ذَكَرَهَا لِي أَحَدٌ، فَقَالَ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِيك خَيْرٌ، فَقَالَ: مَنْ وَارَاهَا وَمَنْ كَفَّنَهَا ؟ قَالَوا: كُلَيْبُ بْنُ بُكَيْر اللَّيْثِيُّ، قَالَ: وَاللهِ لَحَرِيٌّ أَنْ يُصِيبَ كُلَيْبٌ خَيْرًا. فَخَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَقِيَهُ الْكَافِرُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، فَطَعَنْهُ ثَلاَثَ طَعَنْاتٍ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالسُّرَّةِ، وَطَعَنْ كُلَيْبَ بْنَ بُكَيْر فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، فَرَمَى رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْنُسٍ، ثُمَّ اضْطَبَعَهُ إِلَيْهِ، وَحُمِلَ عُمَرُ إِلَى الدَّارِ، فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِالنَّاسِ، وَقِيلَ لِعُمَرَ: الصَّلاَةُ، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، وَقَالَ: لاَ حَظَّ فِي الإِسْلاَمِ لِمَنْ لاَ صَلاَةَ لَهُ، فَصَلَّى وَدَمُهُ يَثْعَبُ، ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يُنْسِئَ اللَّهُ فِي أَثَرِكَ، وَيُؤَخِّرَك إِلَى حِينٍ، أَوْ إِلَى خَيْرٍ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يُعْجَبُ بِهِ، فَقَالَ: اُخْرُجْ، فَانْظُرْ مَنْ صَاحِبِي ؟ ثُمَّ خَرَجَ فَجَاءَ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، صَاحِبُك أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ، غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَكَبَّرَ حَتَّى خَرَجَ صَوْتُهُ مِنَ الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يُحَاجُّنِي بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا عَنْ مَلأٍ مِنْكُمْ ؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللهِ، وَاللهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا فَدَيْنَاك بِآبَائِنَا، وَزِدْنَا فِي عُمْرِكَ مِنْ أَعْمَارِنَا، إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ. قَالَ: أَيْ يَرْفَأُ وَيْحَك، اسْقِنِي، فَجَاءَهُ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ حُلْوٌ فَشَرِبَهُ، فَأَلْصَقَ رِدَاءَهُ بِبَطْنِهِ، قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَ الشَّرَابُ فِي بَطْنِهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنْاتِ، قَالَوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا دَمٌ اسْتَكَنَ فِي جَوْفِكَ، فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ جَوْفِكَ، قَالَ: أَيْ يَرْفَأُ، وَيْحَك اسْقِنِي لَبَنًا، فَجَاءَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي جَوْفِهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنْاتِ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ هَالِكٌ. قَالَوا: جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا، قَدْ كُنْتَ تَعْمَلُ فِينَا بِكِتَابِ اللهِ، وَتَتَّبِعُ سُنَّةَ صَاحِبَيْك، لاَ تَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، جَزَاك اللَّهُ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ، قَالَ: بِالإِمَارَةِ تَغْبِطُونَنِي، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْهَا كَفَافًا لاَ عَلَيَّ، وَلاَ لِي، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ، أَمِّرُوا عَلَيْكُمْ رَجُلاً مِنْكُمْ، فَمَنْ خَالَفَهُ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ، قَالَ: فَقَامُوا، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَتُؤَمِّرُونَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَيٌّ ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لاَ، وَلِيُصَلِّ صُهَيْبٌ ثَلاَثًا، وَانْتَظِرُوا طَلْحَةَ، وَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ، فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ رَجُلاً مِنْكُمْ، فَإِنْ خَالَفَكُمْ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ، قَالَ: اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَضُرُّ بِكِ، وَلاَ يَضِيقُ عَلَيْكِ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَي، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِكِ وَيَضِيقُ عَلَيْكِ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ دُفِنَ فِي هَذَا الْبَقِيعِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، فَجَاءَهَا الرَّسُولُ، فَقَالَتْ: إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَضُرُّ، وَلاَ يَضِيقُ عَلَيَّ، قَالَ: فَادْفِنُونِي مَعَهُمَا، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَجَعَلَ الْمَوْتُ يَغْشَاهُ، وَأَنَا أُمْسِكُهُ إِلَى صَدْرِي، قَالَ: وَيْحَك ضَعْ رَأْسِي بِالأَرْضِ، قَالَ: فَأَخَذَتْهُ غَشْيَةٌ، فَوَجَدْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَفَاقَ، فَقَالَ: وَيْحَك، ضَعْ رَأْسِي بِالأَرْضِ، فَوَضَعْتُ رَأْسَهُ بِالأَرْضِ، فَعَفَّرَهُ بِالتُّرَابِ، فَقَالَ: وَيْلُ عُمَرَ، وَوَيْلُ أُمِّهِ إِنْ لَمْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: وَأَهْلُ الشُّورَى: عَلِيٌّ، وَعُثْمَان، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْفٍ.
|